الجمعة، 3 أغسطس 2012

إلى من يعتمد على رحمة الله ويضيع أمره ونهيه


كَثِيرٌ مِنَ الأشخاص إعْتَمَدُوا عَلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وَعَفْوِهِ وَكَرَمِهِ، وَضَيَّعُوا أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، وَنَسُوا أَنَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ، وَأَنَّهُ لَا يُرَدُّ بِأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ، وَمَنِ اعْتَمَدَ عَلَى الْعَفْوِ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَى الذَّنْبِ فَهُوَ كَالْمُعَانِدِ.
قَالَ مَعْرُوفٌ: رَجَاؤُكَ لِرَحْمَةِ مَنْ لَا تُطِيعُهُ مِنَ الْخِذْلَانِ وَالْحُمْقِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَنْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْكَ فِي الدُّنْيَا بِسَرِقَةِ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، لَا تَأْمَنُ أَنْ تَكُونَ عُقُوبَتُهُ فِي الْآخِرَةِ عَلَى نَحْوِ هَذَا.
وَقِيلَ لِلْحَسَنِ: نَرَاكَ طَوِيلَ الْبُكَاءِ، فَقَالَ: أَخَافُ أَنْ يَطْرَحَنِي فِي النَّارِ وَلَا يُبَالِي.
وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ قَوْمًا أَلْهَتْهُمْ أَمَانِيُّ الْمَغْفِرَةِ حَتَّى خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا بِغَيْرِ تَوْبَةٍ، يَقُولُ أَحَدُهُمْ: لِأَنِّي أُحْسِنُ الظَّنَّ بِرَبِّي، وَكَذَبَ، لَوْ أَحْسَنَ الظَّنَّ لَأَحْسَنَ الْعَمَلَ.
وَسَأَلَ رَجُلٌ الْحَسَنَ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ كَيْفَ نَصْنَعُ بِمُجَالَسَةِ أَقْوَامٍ يُخَوِّفُونَا حَتَّى تَكَادَ قُلُوبُنَا تَطِيرُ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأَنْ تَصْحَبَ أَقْوَامًا يُخَوِّفُونَكَ حَتَّى تُدْرِكَ أَمْنًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَصْحَبَ أَقْوَامًا يُؤَمِّنُونَكَ حَتَّى تَلْحَقَكَ الْمَخَاوِفُ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ فَيَدُورُ فِي النَّارِ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَطُوفُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَيَقُولُونَ: يَا فُلَانُ: مَا أَصَابَكَ؟ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ» .
وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْبَقِيعِ فَقَالَ: أُفٍّ لَكَ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُنِي، قَالَ: لَا، وَلَكِنَّ هَذَا قَبْرُ فُلَانٍ، بَعَثْتُهُ سَاعِيًا إِلَى آلِ فُلَانٍ، فَغَلَّ نَمِرَةً فَدُرِّعَ الْآنَ مِثْلَهَا مِنْ نَارٍ» .
فاتقوا الله وقبل أن تفكروا في صغر الخطيئة فكروا في عظم من عصيتم 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق